تخصيص الأندية الرياضية د. عبدالله بن ربيعان| الجمعة 19 أبريل 2019

ت

كاتب ومستشار اقتصادي

الاقتصادية

منذ ما يقارب 15 عاما ومسؤولو الرياضة عندنا يتحدثون عن قرب تخصيص الأندية الرياضية، فبدأ حديث التخصيص منذ رئاسة الأمير سلطان بن فهد، مرورا بالأمير نواف بن فيصل، ثم الأمير عبدالله بن مساعد الذي قيل عنه حينها إن الحكومة جاءت به من القطاع الخاص لينجز ملف تخصيص الأندية، إلا أن الواقع يقول إن ملف التخصيص لم ينجز فيه شيء يذكر إلى اليوم، وتحولت الأندية الرياضية مع الوقت إلى فيلة بيضاء  White Elephant، تأكل من المال العام دون أن تسهم بريال واحد لرفد موازنة الحكومة.
والملاحظ أيضا أن حديث التخصيص خفت إلى درجة كبيرة، ولم يعد موضوعا للنقاش بين المختصين خلال رئاسة تركي آل الشيخ لهيئة الرياضة، واستمر الصمت خلال فترة الرئيس الحالي الأمير عبدالعزيز بن تركي الفيصل. ورغم أن توقعاتي الشخصية كانت تقول ببداية التخصيص بعد أمر الأمير محمد بن سلمان ولي العهد بتسديد ديون الأندية البالغة نحو 1.3 مليار ريال في أيار (مايو) من العام الماضي، إلا أن الأمر لم يحصل، ولم يتم بدء تخصيص الأندية كما كان حدسي يقول.
بالتأكيد، استمرار دعم الأندية الرياضية من موازنة الحكومة أمر ليس مبررا، فالرياضة خصوصا كرة القدم تحولت إلى صناعة عالمية تدر الملايين بل المليارات على الأندية والدول، ويسهم فيها الأثرياء وتدعمها وترعاها الشركات الضخمة بعقود خيالية، بل أصبحت كرة القدم من أهم القطاعات الجاذبة للمستثمرين الأجانب في بلد مثل بريطانيا على سبيل المثال، فلا تكاد تمر فترة دون أن نقرأ عن تهافت مستثمرين، وبعضهم من منطقتنا على بريطانيا لشراء ناد رياضي هناك.
والملاحظة الأخرى على رياضتنا في المملكة هي عزوف الشركات الكبيرة في البلد عن رعاية الأندية بشكل فاعل، وغاية ما تفعله هذه الشركات هو وضع شعارها على ملابس اللاعبين مقابل عقد رعاية معين، وهذا غير كاف وسببه يعود إلى عدم خصخصة الأندية، وعدم تمكن هذه الشركات من امتلاك نسبة معينة من الأندية الرياضية، والدخول في مجالس إداراتها وتوجيهها بطريقة استثمارية تعود على الشركات والأندية نفسها بعوائد مجزية.
عودة للطريقة المناسبة لتخصيص الأندية الرياضية عندنا، فلا شك أن الأسئلة في طريقة التخصيص كثيرة ومنها، هل يتم تخصيص النادي كاملا، أم نكتفي بتخصيص فريق كرة القدم بعد عزله عن بقية الرياضات الأخرى؟ وكيف سيتم تحديد القيمة التقديرية للنادي، بناء على اسمه وشهرته؟ وهل ستدخل الحكومة في ملكية النادي مقابل ملكيتها لأصول ومقرات الأندية أم أنها ستؤجر هذه المقرات على الأندية وتكتفي بالإيجار عن نسبة من الملكية؟ وهل سيسمح لرجال الأعمال والأثرياء بشراء الأندية مباشرة، أم ستقتصر الملكية على الشركات في المرحلة الأولى؟ وهل سيتم طرح جزء من أسهم الأندية للجمهور مباشرة، أم سيتم اشتراط تحقيق الأندية أرباحا معينة قبل طرحها لاكتتاب الجمهور؟ وأسئلة أخرى كثيرة غيرها تتوالد من كل واحد منها أسئلة وتساؤلات أخرى.
شخصيا، لا أملك إجابة ولا حتى نصف ولا ربع إجابة عن أي سؤال طرحته هنا، ولكن باعتقادي أن إجابات هذه الأسئلة ليست صعبة متى وجدت الرغبة الجادة وتبعت بالاستراتيجية والدراسة المناسبة لتخصيص الأندية الرياضية، وكل ما أعرفه وأراه اليوم أن عوامل نجاح تخصيص الرياضة عندنا كبيرة جدا، فمجتمعنا أغلبيته من الشباب، ولدينا شركات كبيرة يمكنها المساهمة في تملك الأندية والاستفادة منها في تسويق منتجاتها وزيادة أرباحها، والتطبيقات الجديدة وشبكات التواصل الاجتماعي مستمرة بشكل مكثف في زيادة جرعات “الهوس” بكرة القدم ونجومها وأخبارها، والأثرياء مستعدون لشراء الأندية التي يعشقونها مهما كلف الثمن، وصرح الأمير الوليد بن طلال بذلك قبل أيام.
والخلاصة، أن ملف تخصيص الأندية تقاذفته الأيادي يمنة ويسرة، وكثرت فيه الوعود التي لم ينجز منها شيء  إلى اليوم، وأتمنى مع توجه الحكومة في “رؤية المملكة 2030” نحو التخصيص أن يكون تخصيص الأندية الرياضية على رأس أولوياتها، فليس من المعقول أن تدر الرياضة عوائد واستثمارات وفرصا ربحية ووظيفية في معظم دول العالم، وتبقى عندنا فيلة بيضاء تأكل الأخضر واليابس دون أن تحقق أي عائد يذكر، وأعتقد أن الوضع الرياضي اليوم في أفضل حالاته مع سداد ديون الأندية ورفدها بلاعبين أجانب كبار للبدء في التخصيص دون تأخير، والسلام ختام.

عن المؤلف

عادل بشتاوي

● عادل سعيد بشتاوي مؤلف وباحث فلسطيني وبريطاني ومالطي الجنسية ولد في الناصرة (فلسطين) عام 1945 وعاش وعمل في بيروت ودمشق ودبي وباريس وأبو ظبي ولندن ومالطا. تخرج عادل من جامعة دمشق حيث درس اللغة الإنكليزية وآدابها، كما درس فقه اللغة في جامعة لندن مع الصديق العزيز الراحل لؤي معروف، والتحق بعدد من الدورات الصحافية أو الخاصة بتقنية المعلومات.

● بدأ عادل الانكشاف على الصحافة عندما عمل في وكالة الأنباء السورية (سانا) ثم انتقل بعدها للعمل في وزارة الإعلام وكان مسؤولاً عن الصحافيين العرب والأجانب خلال تغطيات الحرب مع إسرائيل، ثم راسل عدداً من وسائل الاعلام العربية والدولية المقروءة والمرئية باللغتين العربية والانكليزية من دمشق ودبي ولندن، وأجرى مقابلات صحافية وتلفزيونية مع عدد من السياسيين الدوليين مثل أنديرا غاندي رئيسة وزراء الهند ومارغريت ثاتشر رئيسة وزراء بريطانيا وبرونو كرايسكي مستشار النمسا، والرئيس الباكستاني محمد ضياء الحق ورئيس الوزراء الباكستاني محمد خان جونيجو ومهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا وغيرهم في الخليج وخارجه إلى جانب مئات المقابلات والتحقيقات السياسية والاقتصادية والتاريخية.

● شغل عادل منصب مدير التحرير المركزي في وكالة أنباء الأمارات، ثم عمل محرراً للصفحة الأولى في جريدة العرب في لندن وهـو مــن المؤسسين في صحيفتــي الشرق الأوسط والحياة فعمل في الأولى مع جهاد الخازن وكان فيها مديراً للقسم الاقتصادي والملاحق، وعمل في الثانية بداية مع الرجل النبيل جميل مروة ثم وقع انقلاب وعاد فعمل مع جهاد الخازن الذي صار صديقاً في صحيفة الحياة التي ملكها الأمير السعودي خالد بن سلطان بن عبد العزيز وكان مديراً القسم الاقتصادي وملحق تقنية المعلومات، كما سبق أن كان محرر الصفحة الأولى في صحيفة العرب الدولية (لندن) التي كانت الصحيفة العربية الأولى التي تصدر في أوروبا.

● ساهم عادل في اعداد واخراج عدد من الافلام الوثائقية في سورية والامارات منها فيلم موت مدينة ومسلسل تلفزيوني مدته خمس ساعات هو: المسلمون على طريق الحرير لا تزال محطات تلفزيونية خليجية تعرضه في رمضان.

● نشر عادل عدداً من المجموعات القصصية والروايات والأبحاث منذ مطلع الثمانينات، كما ساهم في كتابة وتحرير عدد من الكتب التي أصدرتها مجموعة من المتميزين العرب في السياسة والصناعة والتنمية. تضم حافظته التأليفية أكثر من 20 كتاباً باللغتين العربية والإنجليزية. من أعماله مرجع لسانا العاربة والعربية وأصولهما الجنينية في عصر الحجر أصدرته نشرته دار أوثر هاوس الأميركية سنة 2013، وآخر كتابين له ديوان شعر بالإنجليزية نُشر عام 2022عنوانه بالعربية "سأهتف عندما تصرخ الرغبة" أي Only When Desire Scream شاركته فيه الصديقة سلفي سادو.

● الثاني كان في مايو (أيار) 2023 عندما صدر لعادل مجلد من 815 صفحة يحتوي كتابين مستقلين بالإنجليزية والعربية عنوان القسم العربي: كلام عصر الحجر وعظماء آلهة البشر: تأصيل لغوي للآربة (لغة عظيمنا آدم وقومه) والآكادية والإنجليزية. عنوان القسم الإنجليزي:
The Common Stone Age Origins
Of English, Akkadian and Arapīte
& Greatest Gods of Homo Sapiens

أضف تعليق