صادق جلال العظم: رابطة الكتاب السوريين عبّرت عن الانفتاح الديموقراطي الذي تَولّد عن الثورة السورية

ص

 أجرى الحوار: ريتا فرج

أبدى المفكر السوري المعارض صادق جلال العظم تخوّفه من «احتمالات عرقنة سورية» إذا طالت الأزمة، موضحاً انه «حتى الآن تجاوز الشعب السوري الكثير من الأفخاخ الطائفية، لكن إطالة الأزمة في ظل المراوحة الدولية قد تؤدي الى حرف الثورة عن طابعها السلمي».

واذ لم يستبعد في مقابلة اجرتها مع «الراي» أن «النظام سيندفع بشكل أقوى نحو العنف أو ما أسميه المرحلة الشمشونية وقد ينتقل الى مرحلة الرهبة والصدمة على طريقة وزير الدفاع الأميركي الأسبق دونالد رامسفيلد التي استخدمها في العراق»، لفت الى أن دخول أي طرف سوري معارض في تسوية مع النظام «يعني التفاوض على الدم السوري وعلى التكليف الذي منحه الثوار للمعارضين السوريين بإعتبارهم أولياء الدم».

وحول خيارات واشنطن في حال فشلت خطة المبعوث الدولي كوفي أنان قال: «إذا أرادت الولايات المتحدة فعلاً حسم الأزمة السورية ستجد الذرائع لحسم الأوضاع على طريقة كوسوفو».

وفي الاتي نص المقابلة:

• وصف مثقّفون عرب انتخابات رابطة الكتّاب السوريين التي أُعلنت نتائجها في نقابة الصحافيين بالقاهرة بأنها انجاز ديموقراطي «للثورة السورية» وللمرة الأولى تجري انتخابات حرة على هذا المستوى. هل تعكس الرابطة أولى الانجازات الديموقراطية؟

– رابطة الكتّاب السوريين هي أول نشاط مدني وثقافي وإجتماعي حر. وتكمن أهمية هذه الرابطة في أنها عبّرت عن الانفتاح الديموقراطي الذي تَولّد عن الثورة السورية، وكشفت مدى حاجة السوريين لمناخ حر بعدما كسروا جدار الخوف. وهذا ما يفسر تداعي الكتاب والمثقفين لتجاوز ما أسميه العطالة أو القصور الذاتي السابق والمساهمة بالحراك الثوري وتقديم شيء ما للثورة. ولا شك في أن الانتخابات التي أجريت في القاهرة لانتخاب الأمانة العامة للرابطة عبر الاقتراع الالكتروني تشكل أول تجربة للمجتمع المدني من الناحية الثقافية.

• الى أي مدى تحمل رابطة الكتّاب السوريين مكوّنات المجتمع السوري من النواحي الدينية والإثنية والحزبية؟

– ليست الرابطة هيئة تمثيلية ولا تعكس بالضرورة كل مكوّنات الاجتماع السوري بل هي تمثل فئة من الكتّاب الذين تطوّعوا وأرادوا الانتماء اليها بهدف مساندة الثورة ووضع إطار ديموقراطي مستقل لعموم الكتاب. وكما ذكرتْ الرابطة في بيانها التأسيسي، فهي تعمل على إستعادة دور الثقافة من الناحية التغييرية.

• الرابطة فتحت باب الانتساب لكافة الكتّاب العرب. ما أهمية هذه المسألة في هذه اللحظات الحرجة التي تمر بها سورية؟

– انضمام الكتّاب العرب الى الرابطة رمزي وفخري أكثر منه فعلي، ولا نريد المزايدة على موقفنا من العروبة مقارنةً بإتحاد الكتّاب العرب، وهذه الرابطة تمثل الكتّاب السوريين من جهة وتريد تأكيد البعد العروبي من جهة اخرى.

• نلتَ أكبر نسبة من الأصوات خلال الاقتراع الالكتروني الذي أشرفتْ عليه لجنة مختصة ومن المرجح أن تكون رئيساً للرابطة. هل هناك جدول أعمال معين؟

– في الحقيقة هذه المسألة خلقت لديّ شعوراً بالكآبة والاحراج، وخصوصاً أن الثورة السورية يقودها الشباب، وأنا قطعتُ خريف العمر ودخلت في شتاء العمر، وبعدما حصلتُ على النسبة الأعلى من الأصوات، تَشكل عندي نوع من التحدي الكبير. ولا أعلم إذا كانت عندي القدرة على مساعدة الرابطة كما أتمنى وأريد. حصولي على رقم 99 صوتاً سبّب لي حساسية لأسباب ترتبط بالاستفتاءات التي أجرتها الأنظمة العربية ولا سيما نظام صدام حسين، وهذا الرقم شكل لي احساساً بالكآبة والحرج. طبعاً أنا فخور وأتشرف بأن أكون في أعضاء الرابطة رغم أنني لم أرشح نفسي بل تمّ ترشيحي من الأعضاء.

• هل تتجه سورية نحو النموذج العراقي بعد التفجيرات الانتحارية التي وقعت في دمشق؟

– في الواقع أتخوف من تكرار التجربة العراقية في سورية ومن الانجرار نحو الصراع الطائفي، وكلما طال أمد الثورة وزاد مستوى القمع والقتل كلما أصبحت احتمالات عرْقنة سورية أكبر. حتى الآن تجاوز الشعب السوري الكثير من الأفخاخ الطائفية لكن إطالة الأزمة في ظل المراوحة الدولية قد تؤدي الى حرف الثورة عن طابعها السلمي.

• نقلت بعض الأوساط عن الرئيس بشار الأسد قوله إن الأزمة السورية لا تزال في هذه اللحظة في بدايتها وأن الاجواء الدولية إيجابية لأن إدارة الرئيس أوباما ستكون مضطرة مع حلول الصيف، إلى البحث عن تهدئة بسبب موجبات تفرضها الانتخابات الاميركية، ما يعزز فرص تعاونها مع موسكو للمساهمة في إنتاج حل للأزمة السورية. ما رأيك بما نُقل عن الأسد؟

– لا أحمّل هذا الكلام أي أهمية وخصوصاً لناحية العلاقة بين الأزمة السورية والانتخابات الأميركية، فالقضية السورية لا تهمّ الناخب الأميركي. أما الكلام عن أن الوضع الدولي يتحسّن وأن الأزمة لا تزال في بدايتها، فهذا يعني أن النظام سيندفع بشكل أقوى نحو العنف أو ما أسميه «المرحلة الشمشونية» وقد ينتقل الى مرحلة الرهبة والصدمة على طريقة وزير الدفاع الأميركي الأسبق دونالد رامسفيلد التي استخدمها في العراق. النظام يتصرف وفق طريقة الحاكم التشيلي الديكتاتوري أوغستو بينوشيه الذي استخدم الحل العسكري من أجل القضاء على المعارضة في تشيلي لكن نظامه في النهاية سقط.

• هل تخشى حدوث تسوية سياسية بين النظام السوري وبعض أطراف المعارضة الداخلية؟

– في رأيي لن يتجرأ أي طرف معارض على الوقوف بوجه الحراك الشعبي الذي يمثل القوة الأساسية في الثورة السورية، وبالتالي التسوية مع النظام من أي جهة معارضة تعني التفاوض على الدم السوري وعلى التكليف الذي منحه الثوار للمعارضين السوريين بإعتبارهم أولياء الدم.

• تُعد واشنطن لما بعد خطة كوفي أنان. ما السيناريوات المتاحة أمام البيت الأبيض في حال فشل الخطة؟

– أعتقد أن الولايات المتحدة في حال فشلت خطة أنان ستبحث عن مخارج أخرى إذا أرادت فعلاً حسم الأزمة السورية، وستجد المبررات والوسائل والذرائع لحسم الأوضاع في سورية على طريقة كوسوفو أي التدخل العسكري من خارج مجلس الأمن أو عبر أصدقاء سورية، أو دعم الطرح الذي تَقدم به البعض بتسليح الجيش السوري الحر وقوى المعارضة.

• أشارت بعض التقارير الى دخول جماعات سلفية جهادية على خط الصراع العسكري في سورية. هل تتخوفون من هذه الجماعات؟

– أتخوف من الأجندات الظلامية على الثورة التي حسمت أمرها برفع شعارات الديموقراطية والتعددية والحرية وحقوق الانسان، ولذلك كلما طالت الثورة والقمع كلما تصاعدت الاتجاهات الظلامية.

المصدر : الرأي الكويتية

عن المؤلف

عادل بشتاوي

● عادل سعيد بشتاوي مؤلف وباحث فلسطيني وبريطاني ومالطي الجنسية ولد في الناصرة (فلسطين) عام 1945 وعاش وعمل في بيروت ودمشق ودبي وباريس وأبو ظبي ولندن ومالطا. تخرج عادل من جامعة دمشق حيث درس اللغة الإنكليزية وآدابها، كما درس فقه اللغة في جامعة لندن مع الصديق العزيز الراحل لؤي معروف، والتحق بعدد من الدورات الصحافية أو الخاصة بتقنية المعلومات.

● بدأ عادل الانكشاف على الصحافة عندما عمل في وكالة الأنباء السورية (سانا) ثم انتقل بعدها للعمل في وزارة الإعلام وكان مسؤولاً عن الصحافيين العرب والأجانب خلال تغطيات الحرب مع إسرائيل، ثم راسل عدداً من وسائل الاعلام العربية والدولية المقروءة والمرئية باللغتين العربية والانكليزية من دمشق ودبي ولندن، وأجرى مقابلات صحافية وتلفزيونية مع عدد من السياسيين الدوليين مثل أنديرا غاندي رئيسة وزراء الهند ومارغريت ثاتشر رئيسة وزراء بريطانيا وبرونو كرايسكي مستشار النمسا، والرئيس الباكستاني محمد ضياء الحق ورئيس الوزراء الباكستاني محمد خان جونيجو ومهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا وغيرهم في الخليج وخارجه إلى جانب مئات المقابلات والتحقيقات السياسية والاقتصادية والتاريخية.

● شغل عادل منصب مدير التحرير المركزي في وكالة أنباء الأمارات، ثم عمل محرراً للصفحة الأولى في جريدة العرب في لندن وهـو مــن المؤسسين في صحيفتــي الشرق الأوسط والحياة فعمل في الأولى مع جهاد الخازن وكان فيها مديراً للقسم الاقتصادي والملاحق، وعمل في الثانية بداية مع الرجل النبيل جميل مروة ثم وقع انقلاب وعاد فعمل مع جهاد الخازن الذي صار صديقاً في صحيفة الحياة التي ملكها الأمير السعودي خالد بن سلطان بن عبد العزيز وكان مديراً القسم الاقتصادي وملحق تقنية المعلومات، كما سبق أن كان محرر الصفحة الأولى في صحيفة العرب الدولية (لندن) التي كانت الصحيفة العربية الأولى التي تصدر في أوروبا.

● ساهم عادل في اعداد واخراج عدد من الافلام الوثائقية في سورية والامارات منها فيلم موت مدينة ومسلسل تلفزيوني مدته خمس ساعات هو: المسلمون على طريق الحرير لا تزال محطات تلفزيونية خليجية تعرضه في رمضان.

● نشر عادل عدداً من المجموعات القصصية والروايات والأبحاث منذ مطلع الثمانينات، كما ساهم في كتابة وتحرير عدد من الكتب التي أصدرتها مجموعة من المتميزين العرب في السياسة والصناعة والتنمية. تضم حافظته التأليفية أكثر من 20 كتاباً باللغتين العربية والإنجليزية. من أعماله مرجع لسانا العاربة والعربية وأصولهما الجنينية في عصر الحجر أصدرته نشرته دار أوثر هاوس الأميركية سنة 2013، وآخر كتابين له ديوان شعر بالإنجليزية نُشر عام 2022عنوانه بالعربية "سأهتف عندما تصرخ الرغبة" أي Only When Desire Scream شاركته فيه الصديقة سلفي سادو.

● الثاني كان في مايو (أيار) 2023 عندما صدر لعادل مجلد من 815 صفحة يحتوي كتابين مستقلين بالإنجليزية والعربية عنوان القسم العربي: كلام عصر الحجر وعظماء آلهة البشر: تأصيل لغوي للآربة (لغة عظيمنا آدم وقومه) والآكادية والإنجليزية. عنوان القسم الإنجليزي:
The Common Stone Age Origins
Of English, Akkadian and Arapīte
& Greatest Gods of Homo Sapiens

أضف تعليق